audio
audio
transcription
string
والله يا بيه، من ساعة ما اختفى الفول من العالم،
معدّلات النجاح في المدارس والجامعات وصلت لـ100%،
الناس بتحاول تفشل، ما بتعرفش.
معدّلات الإنتاج زادت.
ما حدش بيرفع قضايا.
بجعد معاه، بسأله، "هل انت فعلًا محتاج علبة اللبن دي؟
كلها بقت دكاترة خلاص!
تجديد البطاقة دلوقتي، أصبح بالدكتوراة!
ما عادش فيه جريمة،
بنكتسح الأولمبياد،
مشكلة كبيرة طبعًا مشكلة المهاجرين اللي جايين من "أوروبا" دي،
ألاقي شوية ناس بيضا، إشي سويديين وإشي دنماركيين،
إن الفول كان حايش عننا البركة.
أنا... مش مسئول!
أعزائي المشاهدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أهلًا بكم في حلقة جديدة، من برنامج "الدحّيح"!
دي، يا عزيزي، إجابة نموذجية، بس طبعًا مش صح.
"يبقى أكيد يا (أبو حميد) الشغل والعمل."
خلّيني، يا عزيزي، أأكدلك إن أحلى مشهد تشوفه الصبح وانت نازل،
بيظبط بإيده إن كل أكياس الفول تبقى زي بعض!
عايز فول، تاخد، عايز طحينة، تاخد،
كأنك واقف في "أوبن بوفيه" شعبي، فطار "إنتركونتنيتال"!
اللي سعره أقل من دولار واحد!
وكعادة الحكايات السحرية، دايمًا بتبدأ من أماكن لا يمكن تتخيلها،
"إيه؟ محطة (المرج) يا (أبو حميد)؟!"
وقتها تقولّهم، "أنا هنزل آخد دُش مع صحابي."
سعر الحمّام، وقتها، الخاص بيك، اللي بيتعمل من رخام وقيشاني،
عشان كدا في الريف، الرجالة كانوا بيضطروا يستحموا في الترعة،
وكان ممكن يغرقوا أو يُصابوا بأمراض!
في المدن، الناس كان بتضطر تروح الحمّام الشعبي،
اللي بيدفعوا تمن تذكرة دخول، عشان يستحموا.
يوم خصوصي، ويجيبوا خدم وعازفين ووجبات 5 نجوم،
كانت زي طلعة الساحل!
بتحرّم ذهاب النساء للحمّامات العامة،
دا لأن الحمّام ما كانش للنضافة بس،
كمان، يا عزيزي، كان هو كمان الـSpa.
دي، يا عزيزي، حاجة كدا، لو عرفتها، مش هتتفرج عليا تاني!
الحمّام كان للتدليك والتكبيس والـ"ساونا" وحمّام البخار،
كمان، كان هو الكوافير اللي بتطلع منه العروس أو العريس،
دا أصلًا بيكون بعد ما الخاطبة نقّت العروسة من الحمّام!
بينما للتجار والطبقات الحاكمة، الحمّام كان نادي خاص وسرّي،
لعقد الصفقات ومناقشة السياسة،
وحسب رسالة، نقلها "السيوطي" عن "عمرو بن العاص"،
وكتاب "وصف (مصر)" الشهير، هيسجّل فخامة الحمّامات المصرية،
عشان كدا، هنلاقي أشهر الحمّامات موجودة قريبة من المساجد،
زي "حمّام المؤيد" اللي جنب "مسجد المؤيد" عند باب "زويلة"،
اتبنِت الحمّامات بمداخل ضيّقة، خصوصًا، في مدن زي "إسكندرية"،
الممرات الضيّقة دي، ممكن تعمل مجرى هوا، يجيبله برد،
خصوصًا، إن القعدة بتاعته مطوّلة.
- "إيه؟!" - أهوج!
مع ظهور هذا المستوقد، ظهر له استخدامات ثانوية،
بياعين الفول كانوا بيودّوا القِدرة بتاعتهم على المغربية،
النحاس اللي بيستقبل حباية الفول البلدي الجميلة.
عددها قل مع الوقت، وكل واحد بقى عنده الحمّام الخاص.
ولكن، يا عزيزي، الحمّامات ما كمّلتش، الفول كمّل.
يمكن اللي اتبقى من الحمّامات الشعبية هو المستوقد،
لازم يعني يا (أبو حميد) فول؟ ما نفطر طعمية!"
لو ركّزت في قصة الحمّام، هتجد إن هو اتطور لسببين،
وبرضه، هناك سبب طبيعي، وسبب ثقافي أو اجتماعي.
زي البطاطس والفول،
عندك مثلًا، التفاعل المعروف بـ"تفاعل ميلارد"، الـMaillard Reaction،
إنما الخضار والتوم وحبوب القهوة، وأي حاجة تعرّضها للحرارة،
عزيزي، انت جميل، بس لسة ما لقيتش الدليل!
"ماشي يا (أبو حميد)، ما انت تعرف أكل أهو وحاجات،
اللي مش بس محتاج لحرارة،
إنما محتاج ليلة كاملة يتسوّى فيها عل نار هادية!
في كتابه "الثروة النباتية عند قدماء المصريين"،
وقبلها كلمة "سماتا"، المصرية القديمة،
وعلى حسب المؤرخ "بلوتارخ"،
بنفس الطريقة الحالية،
ولأنهم حريصين يبقوا دايمًا "سمباتيك"،
عشان تعمل طفرة في عالم الفول،
وتحول عملية تسوية الفول، من عملية صعبة ومرهقة ومتعبة،
إن التتابع الثقافي دا اتحول من اضطرار وضرورة لمتعة.
حقيقةً، الإنسان مبهر في التأقلم،
لحاجة انت بتحاول تدوّر على المُتَع اللي فيها،
وتنوّع فيها على أد ما تقدر.
عشان يحسسك إن "احنا، لأ، بقى يوم هناكل طعمية، ويوم هناكل فول."
لا يا حبيبي!
سواء كان الزيت حلو أو زيت حار،
أو تداري على الملح الزيادة اللي انت حطيته!
شُفتك على فكرة!
ولمّا الطحينة تدخل، يدخل معاها توأمها الروحي، التوم، الـGarlic،
فوق كل دا، الفول بيته مفتوح لأي حد،
أو السجق، يلّا، مش هيكسر نفسه!
عم "سعد الحرامي"، بيعمل فول بالقشطة!
حتى لو بيسووا وبيدمّسوا في نفس المكان،
وسعرها حنَيِّن على جيوب الزباين.
بتقدُّم الزمن، ولحظنا الحلو، الحمّامات دخلت البيوت.
المستشفى والنادي والكوافير،
ودا بترصده أغنية الـ"فُلكلور" الشهيرة،
لأن عندك مثلًا، قرية "بُرهُم" في "المنوفية"،
اللي حافظت على التكمير، كوصفة من قديم الأزل،
والمياه الجوفية طالعالي من العمق،
فعمق في عمق، بيتقابلوا!
وهنا، تشوف كل العناصر اللي حولت الفول من نبتة صعبة لأكلة شعبية، اختفت.
لأنها انتشرت بشكل طفيلي، كانت معتمدة على الحمّامات،
خلاص، امشي يا أكلة بقى، مع السلامة!
ولكن دا ما حصلش.
أول خبرة هيستعملوها في اختيار حبة الفول المناسبة،